ممارسة الخدمة الاجتماعية في المجال المدرسي
أولا: تعريف الخدمة الاجتماعية في المجال المدرسي:
هناك محاولات لتعريف الخدمة الاجتماعية في المجال المدرسي, ومنها:
"إحدى المجالات المهنية التي تُعنى بمساعدة المدرسة على النهوض بوظيفتها الاجتماعية وتدعيم علاقاتها بالمجتمع ومؤسساته, بغرض الوصول بتلاميذها إلى النمو الاجتماعي المرغوب, والقدرة على التعامل مع معطيات الحياة ومسايرة تغيراتها المختلفة باستخدام المداخل والاتجاهات الوقائية والإنمائية والعلاجية". (منصور,94: 2004)
كما يعرفها البعض بأنها: "الجهود المهنية الفنية في المجال المدرسي التي تهدف إلى إحداث التوافق بين التلاميذ وبيئاتهم المدرسية والأسرية, ومساعدة التلاميذ لتحقيق أقصى درجة من الاستيعاب, وتهيئة أنسب الظروف الملائمة للنمو والنضج الاجتماعي, ومساعدة أسر التلاميذ لتدعيم علاقاتهم بالمدرسة لكي تتمكن المدرسة من تحقيق أهدافها التربوية".(غباري,131: 2004)
ثانيا: أهداف الخدمة الاجتماعية في المجال المدرسي:
تسعى الخدمة الاجتماعية في المجال المدرسي إلى المساهمة في تنشئة التلميذ تنشئة اجتماعية سليمة ومساعدة المؤسسة التعليمية على تحقيق أهدافها, ويتم تحقيق ذلك من خلال سعي المهنة لتحقيق الأهداف التالية:
1- مساعدة المدرسة في تحقيق أهدافها التربوية والتعليمية وتنظيم الحياة الاجتماعية داخلها حتى يصبح الجو المدرسي محببا للتلاميذ من خلال تدعيم العلاقات الاجتماعية بينهم وبين أعضاء هيئة التدريس وإدارة المدرسة, ومساعدة المدرسة على أن تصبح مركز إشعاع في البيئة.
2-مساعدة التلاميذ اجتماعيا ونفسيا واقتصاديا ليصبحوا قادرين على الاستفادة من العملية التعليمية, واكتشاف قدراتهم واستثمارها, وتشجيع هواياتهم وميولهم ورعايتها وتنميتها ومساعدتهم على النمو والنضج الاجتماعي. (غباري, 2004)
3-العمل على إيجاد ترابط وتفاهم قويٌ بين المنزل والمدرسة ومؤسسات المجتمع وتهيئة الظروف المحيطة بالتلميذ لمساعدته على التحصيل الدراسي سواء مع الأسرة أو المعلمين أو المؤسسات البيئية التي يمكنها المعاونة في ذلك.
4-المساهمة في تعديل الاتجاهات السلبية لدى التلاميذ ووقايتهم من الانحراف ودعم الإحساس بالانتماء وحمايتهم من الاستقطاب الفكري, والمساهمة في تنمية قدراتهم والتأثير على سلوكياتهم بما ينتج عنه مواطنون صالحون. (علي,2006)
5-معاونة التلاميذ في حل مشكلاتهم المختلفة ومحاولة الملائمة بين التلميذ ومدرسته وبيئته وتبصيره بموقفه وتشجيع المدرسين على اكتشاف التلاميذ ذوي المشكلات ومساعدتهم على حلها حتى لا تعترض حياتهم المدرسية مشكلات تحول دون إفادتهم الكاملة من الخبرات المدرسية.(البخشونجي, إبراهيم,2001)
6- مساعدة المجتمع الذي توجد فيه المدرسة على تدعيم المدرسة وإفادتها بما يتوفر لدى ذلك المجتمع من موارد وإمكانيات إلى جانب حذف كل ما هو غير ملائم في البيئة الخارجية كي لا يؤثر ذلك في عادات التلاميذ واتجاهاتهم. (سرحان,2006)
7-المساهمة في تقدير احتياجات التلاميذ وتطوير استراتيجيات تطبيقية وعملية لمقابلة تلك الاحتياجات, وحماية قدرات التلاميذ وتنميتها. (Dupper,2003)
ثالثا: أدوار الأخصائي الاجتماعي في المجال المدرسي:
تتعدد الأدوار المهنية التي يمارسها الأخصائي الاجتماعي في المجال المدرسي وتعتبر هذه الأدوار أدواراً متكاملة ويؤثر كل منها في الآخر طبقا لطبيعة الموقف وما يتطلبه من برنامج عمل مخطط وسوف أذكر منها ما يأتي:
- أدوار مهنية تتعلق بالعمل مع الحالات الفردية, ومنها:
1- العمل مع التلاميذ الذين يعانون من مشكلات فردية, وتؤثر على المستوى التحصيلي لهم سواء أكانت أسبابها ذاتية أو بيئية أو ترتبط بظروف أسرية صعبة.(غباري,2004)
2-العمل مع التلاميذ ذوي القدرات الخاصة, والمتميزة والعمل على تنمية هذه القدرات وتدعيمها, كحالات المتفوقين بما يحقق لهم مقومات النمو, ووضع البرامج المميزة لهم. (البخشونجي وآخرون,2001)
3-يتجه دور الأخصائي إلى التركيز على العلاج الجمعي والقصير كأسلوبين عمليين للعلاج, وخاصة في الظروف القائمة, والتي تتمثل في تعدد أنشطة المدرسة وتعاظم دور التلاميذ.
4-تدريب التلميذ على تحمل المسؤولية, والقيادة والتبعية والممارسة الفعلية للديمقراطية, وذلك من خلال العديد من الأنشطة المدرسية ومنها الاعتماد على نفسه في الحكم؛ أي الحكم الذاتي.
5-توجيه التلاميذ إلى كيفية استثمار عنصر الزمن أفضل استثمار ممكن في إطار اليوم الدراسي, مع الاهتمام بعمليات التوجيه العقلاني لاستغلال أوقات الفراغ في الأنشطة التي تعود بالنفع على التلميذ والمدرسة والمجتمع في آن واحد.
6- الاستفادة من فريق العمل المتواجد بالمدرسة لمواجهة وعلاج بعض المشكلات التي تعترض التلاميذ, وكذلك وقايتهم من هذه المشكلات, وذلك من خلال المقابلات الفردية, وتوفير المعلومات التي يحتاجها المعلمون لمساعدة التلاميذ على مواجهة مشكلاتهم.(Dupper,2003).
7-تحويل الحالات الفردية التي يعجز الأخصائي الاجتماعي عن علاجها إلى الجهات المختصة لمواجهة الموقف, فالحالات التي تواجه مشكلات نفسية معقدة يجب أن تحول إلى العيادات النفسية, مع ضرورة كتابة التقرير الاجتماعي الخاص بالحالة.
8-استخدام المشورة المهنية في التوجيه والإرشاد لكل من التلاميذ والعاملين بالمدرسة على إنجاز أهدافها.
- أدوار مهنية تتعلق بالممارسة المهنية على مستوى الجماعة:
1-وضع خطة شاملة لتنظيم العمل في الجماعات المدرسية وتوظيفها لخدمة التلاميذ, وتحقيق أهداف العمل مع الجماعات, وعرضها على مجلس الطلبة أو مجلس النشاط وإعداد السجلات اللازمة للجماعات المدرسية, وتنظيم عملية التسجيل فيها.
2- الإشراف الكامل على النادي المدرسي وإعداده وتنظيم نشاطه طبقا للأصول المهنية للعمل مع الجماعات.
3-الإشراف الكامل على جماعة الخدمة العامة وريادتها طبقا للأصول الفنية.
4-يتولى الأخصائي الاجتماعي الجانب الاجتماعي في نشاط الجمعية التعاونية المدرسية.
5-يصمم الأخصائي الاجتماعي سجلا للجماعة المدرسية, ويصبح سجلا تاريخيا لكل جماعة وما حدث فيها من تطور ونمو ومرجعا يرجع إليه عند الحاجة.
6-مساعدة الجماعات المدرسية المختلفة على خلق تنظيم داخلي لها يتولى توزيع الأدوار وبالتالي المسؤوليات بهدف التدريب على القيادة والتبعية وتحمل المسؤولية وتنشيط الممارسة الديمقراطية في العمل الجماعي.
7-علاج الحالات الفردية للتلميذ الذي يعاني من مشكلات معينة من خلال إدماجه في الأنشطة الجماعية التي تمارس بالمدرسة.
8-تشجيع التنافس التعاوني والبناء بين الجماعات المدرسية المختلفة التي يشترك فيها التلاميذ, مع إقامة مسابقات جادة بين الجماعات بعضها البعض.
- أدوار مهنية للأخصائي الاجتماعي المدرسي تتعلق بالممارسة على مستوى المجتمع:
1-مساعدة التنظيمات المدرسية على أداء أدوارها على أكمل وجه, ومن هذه التنظيمات, مجلس إدارة المدرسة, ومجلس الآباء, واتحاد التلاميذ الذي يمثل حلقة الوصل بين اهتمامات الأسر والمدرسة.
2-مساعدة المدرسة على تحقيق أهدافها وأداء أدوارها من خلال الاستفادة من التنظيمات المحيطة بالمدرسة, مثل مركز الشباب, والأندية الاجتماعية, والمؤسسات العلاجية, والمؤسسات الدينية.
3-المساهمة في تدعيم موارد المؤسسة التعليمية واكتشاف موارد جديدة لها بغرض مواجهة العديد من المشكلات, وخاصة المشكلات المادية التي تواجه التلاميذ وأولياء أمورهم.
4-العمل على استنباط قيادات عمل جديدة من المجتمع المحلي, والقيام بدور المستشار للمدرسين والآباء, مع الاستفادة من القيادات الموجودة سواء داخل المدرسة أو في المجتمع المحلي المحيط لتدعيم أدوار المدرسة, وأهدافها سواء من الطلبة أو الآباء أو الأهالي.
5- تشجيع التلاميذ على المشاركة في المشروعات العامة التي تتعلق بالبيئة وحمايتها, كالمشاركة في معسكرات الخدمة العامة, ومعسكرات العمل لما لها من فوائد مادية ومعنوية.
6- تشجيع التلاميذ على إجراء البحوث والدراسات العلمية الجادة التي تتعلق بالواقع المجتمعي لتدعيم العلاقة بين التلميذ ومجتمعه.
7-تنظيم زيارات ورحلات للتعرف على المجتمع المحيط بالمدرسة, وللتعرف على التراث الحضاري والإنجازات الحديثة التي تمت في البلاد مؤخرا.
8-تشجيع الجهود الذاتية والمشاركة الشعبية لتدعيم البرامج والخدمات المدرسية بما يفيد التلاميذ والمجتمع في آن واحد.
رابعا: دور الأخصائي الاجتماعي مع فريق العمل المدرسي:
لا يعمل الأخصائي الاجتماعي في المجال المدرسي منفردا, بل يتعاون مع التخصصات الأخرى العاملة بالمؤسسة التعليمية باعتباره عضوا من أعضاء فريق العمل فيها.
1- العمل مع المدرسين:
المسؤولية المباشرة في إعداد التلميذ كمواطن صالح تقع ضمن مسؤولية كلا من الأخصائي الاجتماعي والمدرسين, حيث إن الأخصائي الاجتماعي يجب أن يستعين بمشورة المدرسين حول أساليب توفير مناخ يتاح فيه الحرية للتلاميذ, ويكون حافزا لهم للتعليم.
يحتاج المدرس لمساعدة الأخصائي الاجتماعي, بحيث أن التلميذ المضطرب يتكشف بسرعة أمام مدرسي الفصل, ومن ثم يمكن أن يحول للأخصائي الاجتماعي, والحالة في مراحلها الأولى.
ومن ناحية أخرى يحتاج الأخصائي الاجتماعي لمعاونة المدرس في معظم خطوات عمله, سواء ما يتعلق منها بالدراسة أو العلاج, فقد يلاحظ المدرس سلوك التلميذ في الفصل الدراسي, وقد يشتركا معا في تنفيذ خطة العلاج التي قد تتضمن استثارة قدرات التلميذ ليصبح أكثر استقلالا, أو تكليفه ببعض الأعمال المدرسية والإشراف عليها وغيرها.
وقد تتضمن مساعدة الأخصائي الاجتماعي للمدرس معاونته على تفهم جانب آخر من شخصية التلميذ أو تقبله بحالته الراهنة وتفهم دوافع سلوكه, فهنا يصبح المدرس أكثر تحملا لبعض أنواع السلوك.
2-العمل مع ناظر المدرسة:
لابد أن يُلم ناظر المدرسة بالدور الذي يقوم به الأخصائي الاجتماعي في المدرسة حتى يستطيع معاونته وتقدير قيمة جهوده وحتى تحظى أعماله باحترام الآخرين.
وقد يحتاج الأخصائي الاجتماعي في بعض الحالات لعقد اجتماع مع كل من المدرس والناظر للنظر والتشاور في رسم خطط لعلاجها.
ويجب أن يستعين الأخصائي الاجتماعي بمشورة ناظر المدرسة في عمل مشترك لبناء خطة الخدمات العلاجية داخل المدرسة, وطلب مساعدته في تنمية علاقة عمل تعاونية مع المؤسسات المجتمعية, وللمساعدة في عمل إطار سياسة مدرسية لها تأثيرها المباشر في رعاية التلاميذ.
3-العمل مع بقية التخصصات بالمدرسة:
قد يستدعي علاج بعض الحالات الفردية استثمار إمكانيات المؤسسة التعليمية, مثل إلحاق التلميذ بالجماعات المدرسية كالجماعات العلمية, والهوايات, والنادي المدرسي...الخ, للاستفادة من أوجه نشاطها المتاح داخل المؤسسة التعليمية, وهذا يتطلب تعاونا تاما مع القائمين على أمر هذه الأنشطة.
كما يزود الأخصائي الاجتماعي موظفي الخدمات الأخرى بالمهارات في عمليات الانضباط الخاصة بالتلاميذ داخل المدرسة, مثال ذلك المسؤول عن حصر الغياب, والمسؤول عن الرعاية الصحية...الخ.
و قد يستدعي الأمر قيام الأخصائي بتحويل بعض حالات التلاميذ للأخصائي النفسي أو الطبيب لحاجتهم لخدمة مثل تلك التخصصات.
كما قد يقوم طبيب المدرسة أو المرشد أو مشرف النشاط بتحويل بعض التلاميذ للأخصائي الاجتماعي, وفي هذه الحالة يسعى الأخصائي لمساعدتهم في استجلاء بعض نواحي المشكلات التي من أجلها تم تحويل التلميذ لديه.
كما يكمن للأخصائي الاجتماعي الاستعانة بكل التخصصات الموجودة بالمؤسسة التعليمية للتعرف على مدى التقدم الذي يحرزه التلاميذ الذين يعانون من مشكلات نتيجة ما يبذل معهم من جهود علاجية في سبيل مساعدتهم على مواجهة مشكلاتهم.
المصدر/
ميادين ممارسة الخدمة الاجتماعية , أ.د ماهر أبو المعاطي / أ.د طلعت مصطفى السروجي , القاهرة / جمهورية مصر العربية , الشركة العربية المتحدة للتسويق والتوريدات بالتعاون مع جامعة القدس المفتوحة, الطبعة الأولى.