لم يكتسب التفكير العلمي سماته المميزة التي أتاحت له بلوغ نتائجه النظرية والتطبيقية الباهرة ، إلا بعد تطور طويل ، وبعد التغلب على عقبات كثيرة .
فسمات التفكير العلمي هي :
1) التراكمية : العلم معرفة تراكمية . ولفظ تراكمية هذا يصف الطريقة التي يتطور بها العلم والتي يعلو بها صرحه . فالمعرفة العلمية أشبه بالبناء الذي يشيد طابقا فوق طابق ، مع فارق أساسي هو سكان هذا البناء ينتقلون دواما إلى الطابق الأعلى . أي أنهم كلما شيدوا طابقا جديدا انتقلوا إليه وتركوا الطوابق السفلى لتكون مجرد أساس يرتكز عليه البناء .
2) التنظيم : في كل لحظة من حياتنا الواعية يستمر تفكيرنا ، ويعمل عقلنا بلا انقطاع . فالتفكير العلمي من أهم صفاته التنظيم ، أي أننا لا نترك أفكارنا تسير حرة طليقة ، وانما نرتبها بطريقة محددة ، وننظمها عن وعي ، ونبذل جهدا مقصودا من أجل تحقيق أفضل تخطيط ممكن للطريقة التي نفكر بها .
3) البحث عن الأسباب : لا يكون النشاط العقلي للإنسان علما ، بالمعنى الصحيح ، إلا إذا استهدف فهم الظواهر وتعليلها ، ولا تكون الظاهرة مفهومة ، بالمعنى العلمي لهذه الكلمة ، إلا إذا توصلنا إلى معرفة أسبابها .
4) الشمولية واليقين : المعرفة العلمية معرفة شاملة ، بمعنى أنها تسرى على جميع أمثلة الظاهرة التي يبحثها العلم ولا شأن لها بالظواهر في صورتها الفردية .
5) الدقة والتجريد : في حياتنا المعتادة نستخدم في أحيان كثيرة عبارات تتسم بالغموض ، وتبتعد عن الدقة كأن يقول الشخص ( قلبي يحدثني بأنه سيحدث كذا ...) وأمثال هذه التعبيرات ليست مرفوضة في الأحاديث اليومية المألوفة ، بل أنها قد تؤدي فيها وظيفة هامة ، هي الإيحاء بشي معين دون تحديد دقيق له . ففي العلم من الغير مقبول أن تترك عبارة واحدة دون تحديد دقيق ، أو تستخدم قضية يشوبها الغموض أو الالتباس .
كتاب التفكير العلمي
للدكتور فؤاد زكريا