الأسرة في مواجهة التحديات:
إن للأسرة أهمية كبيرة في حل مشكلات أعضائها ،سواء النفسية أو الجسمية أو العقلية ،أو التي ترتبط بمدى التكيف. إن اضطرار الأم للخروج خارج المنزل، وكذلك الأب للعمل
في أكثر من وظيفة، حالت دون تمكن الأسرة من القيام بدورها التربوي أو الإرشادي والتوجيهي مما يؤدي إلى الوقوع في المشاكل، ويمكن التصور أن أبا يرجع من عمله منهكا
آخر الليل، وعليه أن يستيقظ باكرا، لينخرط في عمله سعيا لكسب الرزق ،ثم نتصور أنه قادر على توفير الرعاية والإشراف والتوجيه .إن زحمة العمل وغلاء المعيشة وتعقد
الحياة الحديثة ،وارتفاع مستويات طموح الناس ،وتطلعهم إلى ما يفوق قدراتهم ،تحول دون تمكن رب الأسرة من حماية أطفاله ،بل لا يمكن للزوجة أو الزوج من القيام بواجبه
حيال الآخر ،ولذلك لا بأس من وضع نظام تتقاضى فيه الأم راتبها كاملا وهي ترعى صغارها ،لأنها في نهاية المطاف إنما تربيهم من أجل المجتمع ،وليكونوا سواعد وعقول المجتمع .....ليشب أولادها وتعود إلى عملها وهذا النظام ليس بدعة وإنما هو معمول به عدد من دول العالم.
دور الأب في مشكلات الأبناء:
إن أهمية دور الأب في التعامل مع المشكلات، التي يمكن أن تواجه أعضاء أسرته ،سواء في ثقافتهم وهويتهم الحضارية، ولكي يساعدهم على الوقاية منها لا بد بالبدء معهم
من بداية المشكلات التي تواجههم، عن طريق المحاكاة والتلقين، وعلى الأب أن يتابع الأبناء في مختلف جوانب حياتهم لكي يطلع عليها ،ويساعدهم على تخطي المخاطر
التي قد تحيط بهم. أن الهدف من التدخل ومعالجة المشكلات لابد أن يكون واضحا ،وعلاج أخطائهم وتأديبهم بروح الشفقة والعطف والرحمة.
ان عدم مبالاة الأب بتوجيه أبنائه عامل رئيسي في فسادهم وانحرافهم، فالأب الذي لا يضع لموضوع الإرشاد والتوجيه العائلي والاهتمام بالمشكلات الأفراد والأسرة بشكل عام
أي اهتمام، إنما يساهم في نشوء الضياع ،الذي يعتبر جذراً في الفساد الاجتماعي. وما تشرد الأطفال في الشوارع إلا نتيجة ذلك. الأسوأ من ذلك أن الكثير من هؤلاء الأطفال
يسقطون ضحايا لإدمان المخدرات التي يلجأون إليها للتغلب على الألم والجوع ومتاعب التجول بين الشوارع أو حتى بين مختلف المدن.
دور الوالدين في مشكلات الأسرة:
يلعب الوالدين دوراً في حل المشكلات وتوجيه الأبناء ،وصياغة أفكارهم واتجاهاتهم نحو حل مشكلاتهم والوصول بها إلى النهاية، هي مسئولية يشترك
فيها كلمن الأب والأم ،وإخلال أحدهما بجانبه من المسؤولية يترتب عليه ظهور نقاط ضعف في الأبناء ،والحقيقة أن للأب دور لا يقل أهمية عن دور
الأم في الإحساس الحقيقي بما يعانيه الأفراد من مشكلات ،والوقوف بجانبهم من أجل حلها ،لاسيما مع انتقال الابن من مرحلة الطفولة المبكرة إلى مرحلة التمييز
وما بعدها حيث تتسع مساحة دور الأب وتتعاظم مسؤوليته في زرع الثقة لدى الابن ،والعمل على تهذيبه وتأديبه وضبط سلوكه ،وعلى تعليمه كيفية مواجهة
المشكلات ،وماهي سبل الوقاية من هذه المشكلات ،والمهم أن تكون آراء الوالدين واحدة ،وغير مشتتة في حل المشكلات ،لأن ذلك يؤدي إلى تشتت الأبناء بين الأم والأب.
المرجع: العمل الاجتماعي مع الأسرة والطفولة، للدكتور فيصل محمود الغرابية ،الطبعة الاولى،2012،الأردن.