تحتل مشكلة التأخر الدراسي لدى التلاميذ مكانة هامة بين المشكلات التربوية للمدرسة وتعتبر دراسة هذه المشكلة نظريا وميدانيا ضرورية جدا من اجل استنتاج اجراءات تربوية لمواجهتها وتجنبها ولذلك انطلقت الدراسات النظرية والميدانية حول هذا الموضوع من وجود عدد من التلاميذ المتأخرين في تحصيلهم الدراسي تقصيرا ملحوظا مقارنة بزملائهم في الصف نفسه.
تعريف التأخر الدراسي: هو حالة تأخر او نقص في التحصيل لأسباب قد تكون عقلية او جسمية او اجتماعية او انفعالية بحيث تنخفض نسبة التحصيل دون المستوى العادي المتوسط.
ويعرف ايضا بأنه الطالب الذي تكون قدراته العقلية غير كافية بدرجة تسمح له بالانتظام او مواكبة الدراسة في فصله الدراسي ومن الضعف بدرجة لا تسمح له بمسايرة السرعة العادية لهذا الفصل.
من هم المتأخرون دراسيا: هم التلاميذ الذين يعجزون عن مسايرة بقية التلاميذ في تحصيل واستيعاب المنهج المقرر وفي احيان كثيرة تتحول هذه المجموعة_لدوافع شتى_ الى مصدر شغب مما قد يتسبب عنه اضطراب في العملية التربوية التعليمية وذلك لما يعانيه المتأخرون من مشاعر النقص وعدم الاكتفاء والاحساس بالعجز عن مسايرة زملائهم فيحاول هؤلاء التعبير عن هذه المشاعر السلبية بالسلوك العدواني او الانطواء او الهروب من المدرسة او الانتماء الى جماعات منحرفة يحققون من خلالها حاجاتهم التي عجزوا عن تحقيقها في مجال المدرسة مثل حاجاتهم الى تأكيد الذات والتقرير وغيرها. وقد تعرض مصطلح المتأخرون دراسيا في الاوساط التربوية الى كثير من سوء الاستعمال لدرجة ان البعض اطلقه واراد به طائفة من ضعاف العقول ويعبر عنها الان بطائفة الضعف العقلي الخفيف او مجموعة التربية الخاصة ويسميها البعض جماعة العاديين الاغبياء او الاطفال المتخلفين او مجموعة الحد الفاصل بين العاديين وضعاف العقول. ويذكر الباحث انجرام تعريف للمتأخرين دراسيا بأنهم" هؤلاء الاطفال الذين لايستطيعون تحقيق المستويات المطلوبة منهم من الصف الدراسي وهم متأخرين في تحصيلهم الاكاديمي بالقياس الى العمر التحصيلي لأقرانهم".
انواع التأخر الدراسي: تربط " هيرلوك" التأخر الدراسي بمدى استمراريته مع التلميذ فتصنفه الى اربعة انواع على النحو التالي:
1- التأخر الدراسي العام: وهو تخلف التلميذ في جميع المواد وتترواح نسبة ذكاء هذا النوع من المتأخرين بين 7-85.
2- التأخر الدراسي الخاص: وهو تخلف التلميذ في مادة او مواد معينة ويرتبط بنقص القدرة العقلية.
3- التأخر الدراسي الدائم: حيث يقل تحصيل التلميذ عن مستوى قدرته على فترة طويلة من الزمن.
4- التأخر الدراسي الموقفي: وهو التأخر الذي يرتبط بمواقف معينة حيث يقل تحصيل التلميذ عن مستوى قدرته نتيجه مروره بخبرات سيئة مثل وفاة احد افراد الاسرة او تكرار مرات الرسوب او المرور بخبرات انفعالية مؤلمة.
خصائص المتأخرين دراسيا:
1- الخصائص الجسمية: ان فئة المتأخرين دراسيا تظهر تباينا كبيرا في خصائصها الجسمية اذا ما قورنت بالأطفال العاديين والمتفوقين دراسيا فإذا عقدنا مقارنة بين مجموعتين من التلاميذ احداهما متأخرة دراسيا والاخرى متفوقة في فترة معينة من فترات نموهم لوجدنا ان معدل النمو لدى الاطفال المتأخرين دراسيا اقل في تقدمه بالنسبة لمتوسط معدل نمو اقرانهم العاديين والمتفوقين. ورغم ان الفروق الجسمية بين الاطفال في المجموعتين المتأخرة والمتفوقة دراسيا تكون غير ملحوظة بدرجة تستدعي اهتماما زائدا او تحتاج علاجا خاصا الا انه يمكن القول ان الاطفال المتأخرين دراسيا يكونون في الغالب اقل طولا واثقل وزنا واقل تناسقا من اقرانهم العاديين كما يلاحظ قدرتهم الحسية والحركية المتخبطة فهم يأتون بحركات عصبية لا غاية منها تدل على عدم التآزر الحركي العصبي.
2- الخصائص العقلية: يتميز الطفل المتأخر دراسيا بصفة عامة بضعف في قدراته على الادراك الحسي والعقلي عن رفاقه العاديين وهذا يتضح بصفة خاصة في ادراكه للمعاني والرموز وهو على العكس من ذلك يتفوق في ادراكه للظواهر الحسية والاعمال اليدوية ولذلك فهو يحتاج الى ان تقدم له المنهج في صورة مادية وواقعية ملموسة لا في صورة رمزية مجردة ومعنوية، كما يتصف الطفل المتأخر دراسيا بضعف القدرة على حل المشكلات العقلية وضعف الذاكرة وتشتت الانتباه وعدم القدرة على التركيز واضطراب الفهم وعدم القدرة على التصور والتخيل وادراك العلاقات بين الأشياء.
3- الخصائص الانفعالية: يتصف الاطفال المتأخرون دراسيا بسرعة الانفعال والعاطفة المضطربة وعدم الثبات الانفعالي والخمول والبلادة والاكتئاب والشعور بالذنب والخوف والقلق والغيرة والحقد والخجل والشعور بالنقص والميل الى العدوان نحو السلطة ونحو زملائهم وذلك لغيرتهم الشديدة منهم ونحو مدرسيهم او المدرسة بصفه عامة كما انهم يستغرقون في احلام اليقظة ويستمرون في شرود الذهن فترات طويلة. وتظهر اعراض الاضطراب الانفعالي في صورة الشعور بالقلق المرضي والمخاوف المرضية من الحيوانات مثلا والاماكن المرتفعة والمغلقة والمظلمة والاحلام المخيقة والانطواء على النفس بالخجل الشديد وكثرة الثورات العصبية واضطرابات النوم وعدم الشهية للأكل.
4- الخصائص الاجتماعية: ومن اهم خصائص التلاميذ المتأخرين دراسيا الاجتماعية: الانانية وعدم تحمل المسؤولية وعدم الولاء للجماعة او العادات او التقاليد السائدة وتتصف العلاقات الاجتماعية التي يكونها التلميذ المتأخر دراسيا بأنها وقنية.
( الخدمة الاجتماعية التعليمية، د. فيصل محمود الغرابة (استشاري اجتماعي)، الجنادرية للنشر والتوزيع، الطبعة الاولى 2012، ص 164_170)