عملية الكشف عن الأطفال الموهوبين
رغم اتفاق الباحثين والممارسين في مجالات الموهبة والتفوق على أهمية عملية الكشف عن الموهوبين واعتبارها كعملية أساسية ومدخل طبيعي قبل الشروع في أي برامج تربوية للاطفال الموهوبين، الا أنه يدور جدل كبير ويحتدم منذ عقود، عن أي المداخل أنسب، وأي الأدوات أفضل، وأي الأساليب أشمل، ولعل التطورات المتعاقبة في ميدان القدرات العقلية والمعرفية من دراسات للذكاء والابداع والتعلم والتحصيل الدراسي بالاضافة للقدرات الخاصة، كل ذلك ألقى بآثاره على ميدان الموهبة والتفوق وزاد الأمر صعوبة وتعقيداً وجعل الوصول الى اتفاق حول أسلوب موحد للكشف أشبة بما يكون عملاً مستحيلاً، ورغم مرور ما يقارب مائة عام على أول محاولة للكشف عن الموهوبين فان القضية لاتزال غير محسومة تماماً، وقد أكد على ذلك (Feldhusen, Hoover,& Sayler, 1990) قائلين أن الطريقة المثالية في الكشف عن الموهوبين لم تتطور بعد، ويرى (Boolootian, 2005) أن تقييم الموهوبين (أي الكشف عنهم) لم يكن أكثر اضطراباً و تشويشاً مما هو عليه اليوم، ويزداد الأمر تعقيداً بوجود ونشوء العديد من المدارس للكشف عن الموهوبين ويتمثل أهمها في فيما يلي:
• الكشف عن الموهوبين باختبارات الذكاء الفردية، ويعد هذا من أقدم الأساليب وتعود جذوره الى دراسات تيرمان (Terman) الموسومة " الدراسات الجينية للعباقرة وسماتهم العقلية والجسمية ".
• أسلوب تقييم الموهوبين القائم على المنهج Joyce & Wolking, 1988)).
• أسلوب التقييم الديناميكي (Bethge, 1982; Johnsen, 1997; kanevsky,1993; kanevsky & Rapagna, 1990; Lidz, 1991; Swanson & Gansle, 1994 ).
• استخدام قياس القابلية للاثارة للتعرف على الموهوبين (Ackerman, 1993).
• نموذج الباب الدوار (MacRae&Lupart, 1991; Renzulli & Owen, 1983; Renzulli, Reis,&Smith, 1981 ).
• الكشف وفق نموذج الذكاءات المتعددة (Kornhaber, 1997; ؛ سيد ، 2001؛ Scott,1996).
• النماذج المتدرجة للكشف عن الموهوبين مثل (ENTER, Actitope) (2004 Stoeger, & Ziegler Ziegler, 2005;).
• الكشف وفق مدخل المحكات المتعددة (Coleman,2003; Cramond, 1997 ;Homeratha, 1978; Jenkins-Friedman,1982 ;Roach, 1986 ).
• ويشير (Fultz,2004) الى أن هناك حركة معاصرة في عملية الكشف عن الموهوبين توصي بدمج البورتفوليو وتقييم الاداء، وقوائم الرصد، وملاحظات المعلمين، بالاضافة للاختبارات المقننة، وتطبق هذه الأدوات مجتمعة للأطفال، ويوصى بصفة خاصة بهذا الأجراء لدى أطفال الأقليات.
وبالأضافة الى هذه النماذج فهنالك العديد من النماذج التي تم استخدامها لمواجهة القضايا الخاصة في الكشف عن الموهوبين مثل:
• الكشف عن الموهوبين بين الأقليات العرقية والاثنية (السود، والآسيويين، والأسبان، والهنود الأمريكيين، ومواطني السكا).
• الكشف عن الموهوبين بين ذوي الوضع الاقتصادي المتدني (المحرومين اقتصادياً).
• الكشف عن الموهوبين بين المختلفين لغوياً وثقافياً، وثنائي اللغة، ومحدودي التحدث باللغة الانجليزية.
• الكشف عن الموهوبين بين متدني التحصيل الدراسي، والمعوقين وذوي الصعوبات.
• الكشف عن الموهوبين بين الريفيين، والحضريين في المدن الصغيرة، ، والفتيات الموهوبات.
ورغم تعدد أساليب الكشف وتنوع مدارسها، الا أنه هناك عدة أمور شبه متفق عليها بين الباحثين في هذا المجال منها: أن تستند اجراءات الكشف الى أفضل الأبحاث العلمية والتوصيات المتوافرة، والمساوآة والعدالة بحيث تكفل الاجراءات عدم استثناء اي شخص، والتعددية: بمعنى تبني أكثر تعريفات الموهبة قبولاً، والشمولية بحيث يتم تحديد اكبر عدد ممكن من الطلبة الموهوبين وخدمتهم ( ديفيد وريم، 2001)، وأن تشتمل على عدد كبير من ادوات الكشف (أبو هلال، 2001؛ الأشول، 1998؛ بشاي، 1986؛ جروان، 2001؛ سليمان، 2002)، بل يرى (Carnellor, 1996) أن هناك شبة اجماع على أن يكون الكشف وفق محكات متعددة.
ويشير التقرير الوطني للكشف عن الموهوبين في الولايات المتحدة الأمريكية (Richert, Alvino, & McDonnel,1982) الى أن عملية الكشف عن الموهوبين تقوم على ستة أسس أساسية وهي: التفرغ والالتزام بالعملية: وتعني أنه يجب استخدام كل اجراءات الكشف الممكنة لتحقيق مصلحة الطلاب، والمناسبة والانسجام: أي تطبيق أفضل الدراسات والأساليب العلمية في عملية الكشف، والمسآواة: أي المحافظة على جميع حقوق الطلاب، والاهتمام بالكشف عن مجموعات متنوعة من الطلاب والموهوبين والمتفوقين وتقديم الخدمات الملائمة لهم، والشمولية: أي اعتماد مفهوم واسع للموهبة والتفوق بحيث تشمل جميع أنواع المواهب، والنفعية: وهي تعني ضرورة وجود دليل ارشادي لعملية الكشف في كل المقاطعات لكي يتسنى تطبيق بعض الارشادات أو التعديلات في كل منطقة يطبق فيها ذلك البرنامج.
ويؤكد (Roach, 1986) أنه لاتوجد اختبارات محددة كما لايوجد أساس نظري موحد يناسب كل الظروف والبرامج، وبمعنى آخر أن طبيعة البرنامج المعد للرعاية وأهدافه هما اللذان يحددان المحكات والأدوات التي تستخدم في الكشف.
أخطاء عملية الكشف عن الموهوبين
بالاضافة لمعضلات أسلوب الكشف عن الموهوبين والاستراتيجيات المستخدمة في ذلك، فان عملية الكشف تواجه بتحديٍ آخر يتمثل في القبول الزائف (أي قبول طالب وهو غير مستحق للقبول لعدم وجود موهبة لديه)، والرفض الزائف (أي عدم قبول طالب واستبعاده من البرنامج بالرغم من أنه موهوب)، ويورد جروان (2004) خمسة من أسباب هذه الأخطاء والتي تتمثل في: أخطاء متصلة بنظرية القياس وبناء الاختبارات والخصائص السيكومترية لهذه الاختبارات، وذلك لأن عدم الدقة الكاملة مشكلة متأصلة في أي اختبار أو قياس تربوي أو نفسي، ووجود أخطاء متصلة بعدم المطابقة أو ضعف الانسجام بين أساليب الكشف وطبيعة الخبرات التي يقدمها البرنامج؛ وأخطاء متصلة بالسياسات والاجراءات التي يتبعها القائمون على البرنامج وكذلك المحددات التي يفرضها الواقع، كأن يؤخذ في الحسبان موضوع التمثيل المتوازن، أي أن يكون الاختيار على أسس عرقية أو جغرافية أو جنسية حتى يمكن الحصول على دعم اجتماعي أو سياسي أو مادي للبرنامج؛ وأخطاء متصلة بأسلوب معالجة البيانات المتجمعة عند استخدام محكات متعددة في التعرف على الطلبة الموهوبين والمتفوقين؛ أخطاء شخصية مقصودة كالتحيز مثلاً، أو غير مقصودة ناجمة عن الجهل أو انعدام الخبرة من قبل المعلمين أو لجان الاختيار أو مطبقي الاختبارات وخاصة اختبارات الذكاء. وتناول ديفز وريم (2001) نفس الآراء التي تناولها جروان (2004) ولكنهما يضيفان عدة مشكلات تجابه عملية الكشف عن الأطفال الموهوبين وهي: مشكلة الطلبة المحرومين، والاناث، والمعوقين، والمنحدرين من أقليات عرقية.
ويرى جروان (2004) أنه لتقليل أخطاء عملية الكشف يجب القيام بعدة خطوات وهي كما يلي: وضع خطة وافية لعملية الكشف تتكون من عدة مكونات هي: تعريف اجرائي محدد وواضح لمفهوم الموهبة والتفوق، وتحديد شكل الخبرات التربوية أو المناهج التي سيقدمها البرنامج وأهدافه، وتحديد دقيق لأدوات وأساليب الكشف، وتحديد أسلوب تجميع التلاميذ وفترة التجميع اللازمة لتقديم خدمات البرنامج، وتحديد أساليب تقييم البرنامج أو محكات الحكم على مدى تحقق أهدافه، ومن الضروري استخدام عدة محكات للكشف عن الطلبة الموهوبين والمتفوقين وذلك انسجاماً مع الاتجاهات الجديدة في نظرية الذكاء ومفهوم الموهبة، والأنتباه للخصائص السيكومترية للاختبارات المستخدمة، واستناداً للمعايير المعتمدة من قبل جمعية علم النفس الأمريكية في تقييم الاختبارات فينبغي النظر الى ثلاث خصائص هي: التقنين، والصدق، والثبات، وعدم التقيد بالحدود الكمية أو النسبة الشائعة في التعريفات السيكومترية للموهوب، واذا كان نظام الكشف المتبع يشترط أن يحقق المرشح حداً أدنى من الأداء على اختبار أو أكثر من الاختبارات، فانه من المستحسن أن يجري القائمون على برنامج الموهوبين والمتفوقين دراسة حالة معمقة للطلبة الذين يقعون في أدائهم حول الحدود الفاصلة.
وللتحقق من صلاحية الأدوات والأساليب المستخدمة في عملية الكشف والاطمئنان على أنها تؤدي دورها بصورة جيدة فقد استخدم العلماء قياس فاعلية وكفاءة أدوات الكشف، وبالتالي يتم التحقق من فاعلية وكفاءة نظام الكشف والأختيار، وتقييم مستوياتها وقوتها (جروان، 2004؛ الفهيد، 1993؛ النافع وآخرون، 2000)، كما يستخدم في هذا الخصوص دراسة الصدق التنبؤي لأدوات الكشف.
الكشف عن الاطفال الموهوبين وفق مدخل المحكات المتعددة
يأخذ نموذج الكشف وفق مدخل المحكات المتعددة موقعاً متميزاً بين نماذج الكشف المتباينة، اذ أنه يصلح لعمليات الكشف النموذجي المعتاد، كما يصلح للكشف في الحالات الخاصة التي أشارت اليها الأدبيات والتراث العلمي في ميدان الموهبة والتفوق، كما يتبع منحى التقييم متعدد الأبعاد، أو منحى القياسات المتعددة وهو أسلوب معاصر وذو توجه مستقبلي وقد تمت التوصية باستخدامه في تقييم ذوي الاحتياجات الخاصة ومجالات التربية الخاصة من قبل عدد من خبراء التربية الخاصة والقياس والتقويم التربوي والنفسي (أبو هاشم، 2007؛ عواد، 2002؛ القريوتي، والسرطاوي، والصمادي، 2001؛ الوابلي، 2003)، أضف الى ذلك أنسجامه مع التوجهات الجديدة في نظرية الذكاء ومفهوم الموهبة، حيث أنه لايساوي بين الموهبة والذكاء، أنما ينظر نظرة شاملة للقدرات الانسانية التي تشكل مفهوم الموهبة، فلذا فقد تم تبنيه في كثير من برامج الموهبة والتفوق، وقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية من اوائل الدول التي استخدمت مدخل المحكات المتعددة (Multiple Criteria) بصورة عملية، وكان ذلك في عام 1958م في ولاية جورجيا (Williams, 2000)، وقد أوصى تقرير الخبراء (The Gifted and Talented Program, 1984) باستخدامه لاتخاذ قرارات القبول في برامج رعاية الموهوبين، ثم شاع استخدامه في العديد من الدول، وكشفت دراسة هيلر (Heller , 1993) التي هدفت لتحليل محتوى بنية وأهداف ومواضيع بحوث الموهبة والتفوق في الفترة ما بين (1971-1991) في الكتاب العالمي لا بحاث الموهبة والتفوق عن تحول مدخل الكشف عن الموهوبين الى المدخل الشامل واستخدام أدوات متعددة للكشف عن الموهوبين.
تمر عملية الكشف عن الأطفال الموهوبين وفق مدخل المحكات المتعددة بثلاث مراحل هي: مرحلة الاستقصاء، أو الترشيح والتصفية (Nomination and Screening)، والمرحلة الثانية تسمى مرحلة الاختبارات والمقاييس، أما الأخيرة فهي مرحلة الاختيار والانتقاء (جروان، 2004، 2002). وأشار (Tannenbaum, 1991) لثلاث مراحل هي: الغربلة، والاختيار، والتمييز. بينما يقترح محمد (2004) والقريطي (2005) خمسة مراحل هي: مرحلة المسح والفرز المبدئي، مرحلة التشخيص والتقييم، مرحلة تقييم الاحتياجات، مرحلة اختيار البرنامج المناسب والتسكين، ومرحلة التقويم؛ أي أنهما يهملان مرحلة الاختيار والانتقاء، ويضيفان ثلاثة مراحل أخرى. وأشار (Piirto, 1999؛ الشربيني وصادق،2002؛ كلنتن، 1998) إلى نموذجين من أساليب الكشف المتعدد وهما: القمع والجدول أي (الحصر، والمسح الشامل) ولكل اسلوب منها عيوب ومزايا، وفي أنظمة الكشف المتعددة يستخدم المسح الشامل لمزاياه العديدة، ولكن تطبيقه يحتاج الى كوادر متخصصة وتجهيزات كبيرة، وزمن أطول للتنفيذ، وقد أشار( Grant, 1996) لمعوقاته التي من ضمنها التكلفة، والجهد الكبيرين. وتعد مراحل الكشف التي يقترحها كل من جروان (2002)، ومحمد (2004)، والقريطي (2005) نماذج الكشف الأكثر انتشارا في برامج الرعاية المختلفة في دول العالم، والتي تم الأخذ بها في الدول العربية مثل دراسات (أبو عوف، 1997؛ صادق وآخرون،1996؛ النافع، والقاطعي، والضبيبان، والحازمي، والسليم، 2000). بينما يرى دليل فريجينيا الصادر في عام 1990م أن عملية الكشف يجب أن تكون وفق ثلاثة مراحل هي: الاحالة، والمسح الأولي، والتقييم النهائي. وفي تجربة مدارس اليوبيل تمر عملية الكشف عن الموهوبين واختيارهم بثماني مراحل هي: المرحلة التمهيدية (التوعية)، ومرحلة الترشيح واستقبال الطلبات، ومرحلة الاختبارات، ومرحلة معالجة البيانات المحوسبة والاختيار الأولي، والمقابلة، واستخراج قوائم الطلبة المقبولين، ومرحلة تقديم الاعتراضات، ثم الاختيار النهائي.
محكات الكشف عن الموهوبين
تحدد التعريفات المعتمدة عالمياً الموهبة في عدة مجالات متنوعة، أي أن التوجه العالمي بهذا يتبنى تعريفاً شاملاً للموهبة، وقد حدد مكتب التربية الأمريكي (USOE) (Marland, 1972) المواهب في ست مجالات هي: (الموهبة العقلية العامة، الأكاديمية الخاصة، الإبداعية، الفنون البصرية والأدائية، النفس حركية)، وأختصرت في خمس بعد استحداث صيغة معدلة عام 1981م (Clarck, 1992) هي: (موهبة عقلية، إبداعية، فنية، قيادية، أكاديمية خاصة)، ولم يتغير هذا التصنيف في المراجعة الأخيرة للتعريف لعام 1989م (الكيلاني والروسان، 2005).
ووفقاً للتعريفات المعتمدة تشمل محكات الكشف عن الموهوبين: الذكاء، التفكير الأبداعي (الأبتكاري)، الخصائص السلوكية، التحصيل الدراسي، القدرات والاستعدادات العامة والخاصة، النتاجات المبتكرة، ووفقاً لهذه المحكات وحسب كل مجال من مجالات الموهبة تتحدد أساليب وأدوات ووسائل الكشف التي تشمل: اختبارات الذكاء الفردية، اختبارات الذكاء الجمعية، اختبارات التحصيل المقننة وغير المقننة، واختبارات القدرات والأستعدادات الخاصة، مقاييس الأبداع، ترشيح المعلمين، حكم الخبراء، مقاييس العلاقات الاجتماعية، السيرة الذاتية، الملاحظة، السجل التراكمي، اختبارات الشخصية والميول، القوائم النمائية، قوائم تقدير الخصائص السلوكية، قوائم التقدير (الرصد)، سلالم التقدير (مقياس الرتب المتدرجة)، أسلوب الباب الدوار، قوائم الأنشطة الأبداعية، أسلوب رواية القصة المبني على صور مقدمة للطفل، تقييم الانتاج الابداعي، ترشيح الآباء، الترشيح الذاتي، التقارير الذاتية، المذكرات اليومية والمفكرات الشخصية.
وترتبط بعملية الكشف وفق مدخل المحكات المتعددة مسألة اختيار الاستراتيجيات المناسبة لمعالجة بيانات الأختبارات والأدوات المطبقة على الموهوبين، وتحديد النسب و الأعداد المطلوبة للبرامج التربوية الاسراعية والاثرائية والارشادية بصورة ذات مصداقية وكفاءة عالية. وأثبتت التجارب بأنه كلما تنوعت وتعددت أساليب الكشف قلت نسبة الخطأ في عملية الاختيار إذا تمت معالجة البيانات المجموعة بأساليب احصائية سليمة.
وأكثر مايميز مدخل المحكات المتعددة عن غيره من المداخل تنوع المحكات وبالتالي تعدد الوسائل والأساليب المستخدمة للكشف، فعلى المستوى الإقليمي، تتضمن وسائل الكشف عن الأطفال الموهوبين في مصر التحصيل الدراسي، ومقاييس القدرات العقلية، والقدرة الابتكارية. وفي الكويت، طبقت أساليب التحصيل الدراسي في الرياضيات، واللغة العربية، ومقاييس الذكاء الجمعية (مقياس المصفوفات المتتابعة)، ومقاييس الذكاء الفردية (مقياس وكسلر لذكاء الأطفال)، واستمارة المعلم وولي الأمر (مرسي، 1992). وفي برنامجها الضحم في عملية الكشف عن الأطفال الموهوبين، استخدمت المملكة العربية السعودية وسائل الكشف التالية: تقديرات المدرسين، درجات التحصيل الدراسي، التحصيل في العلوم والرياضيات، اختبار القدرات العقلية الجمعي، اختبار التفكير الابتكاري، ومقياس وكسلر لذكاء الأطفال - المعدل (النافع وآخرون، 2000)، وتستخدم في مدرسة اليوبيل الأردنية ثلاثة وسائل هي (أ) العلامات المدرسية على مدى 5 فصول دراسية كمؤشر على التحصيل الدراسي (ب) قائمة السمات السلوكية وتضم 20 فقرة تعبأ من قبل المعلمين (ج) اختبار الاستعداد الأكاديمي ويضم التفكير اللفظي، والرياضي والمنطقي وهو يشبه اختبار الاستعداد المدرسي الأمريكي، بينما يذكر (الهويدي وجمل، 2003) أن محكات الأختيار المستخدمة في مدارس اليوبيل بالأضافة للتحصيل الأكاديمي على مدى آخر خمسة فصول دراسية، والسمات السلوكية، والقدرة العقلية العامة، تشمل كتابة المقال، واختبار الرياضيات، والمقابلة الشخصية؛ ويضيفان أنه استخدمت مجموعة من المعايير للكشف عن الموهوبين في مدرسة المنهل العالمية في الأردن 1998م وهي: التحصيل الدراسي، واختبار تورانس للتفكير الأبداعي، والمقالة، وترشيحات المعلمين وفق نموذج رينزولي.
أما المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (صادق وآخرون، 1996) فقد اختارت الأساليب المتعددة التالية في عملية الكشف عن الموهوبين في مرحلة التعليم الأساسي وهي (أ) الذكاء العام، و(ب) الابتكار (بمكوناته الثلاثة الطلاقة والمرونة والأصالة)، و(ج) تقديرات المعلمين للتلاميذ الموهوبين، و(د) التحصيل الدراسي العام (هـ) التحصيل الدراسي النوعي في بعض المواد الدراسية. وتم تجريب هذه الأدوات في عدة دول عربية (مصر، والعراق، وتونس والامارات) على الصفين الثالث والسادس من كل دولة. وأثبتت الأساليب المطبقة درجات معقولة للصدق والثبات وأوصت المنظمة باستخدامها في بقية الدول العربية. وفي السودان، تم تطبيق تجربة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم المتعلقة بأهمية استخدام محكات متعددة للكشف عن الأطفال الموهوبين بقصد رعايتهم في مشروع طائر السمبر خلال عامي 2003-2004، حيث استخدمت درجات التحصيل الدراسي العام، والتحصيل الدراسي النوعي (تحصيل الرياضيات)، وتقديرات المعلم لصفات الموهوبين، واختبارات الابداع، واختبارالمصفوفات المتدرجة المعياري، ومقياس الذكاء الفردي (الخليفة، وطه، وعطا الله، 2007؛ دوسة 2007).
وفي تجربة وزارة التربية بولاية الخرطوم في السودان وخلال سنوات التجربة الممتدة من (2004 – 2007م) تم تطبيق الأساليب التالية : ترشيحات المعلمين، سجل دراسي يدل على التفوق الدراسي في العامين السابقين، اختبار تحصيلي موحد على مستوى الولاية في المقررات الدراسية للصف الثالث الأساسي، اختبار المصفوفات المتدرجة المعياري، لقياس الذكاء والقدرة العقلية، اختبار الدوائر وهو جزء من بطارية تورانس للتفكير الابداعي، اختبار استانفورد – بينيه الطبعة الرابعة في المراحل الاخيرة للمفاضلة، اختبار الخطوط، واختبار اكمال الصور وهما أجزاء من بطارية تورانس للتفكير الابداعي، اختبار للتعبير الكتابي (الانشاء)، حيث يتم تقديم ثلاثة موضوعات يختار التلميذ واحد منها ويكتب فيه، اختبار استعداد دراسي يتضمن المواد الدراسية التالية (الرياضيات، اللغة العربية، التربية الاسلامية)، كما تخللته أسئلة لمهارات التفكير العليا.
كشفت دراسة أبو هاشم (2003) المسحية أنه تم استخدام محكات متعددة للكشف عن الموهوبين في الدراسات العربية سواء أكانت أطروحات جامعية، أو بحوث منشورة في الدوريات في الفترة من (1990 – 2002م)، كما تناولت مجموعة من الدراسات في الدول العربية عرضاً للأساليب والأدوات المستخدمة للكشف عن الموهوبين في البرامج الوطنية مثل السودان (الخليفة، وطه، وعطا الله، 2007)، والسعودية (أبونيان والضبيبان، 1997؛ النافع، والقاطعي، والسليم، 1991؛ النافع وآخرون، 2000)، والأردن (الروسان، 1996)، واليمن (الأغبري، 1995؛ يحيى، 1998)، وفي سوريا (زحلوق، 1998)، وفي البحرين (فخرو واليماني، 1997)، وسلطنة عمان (أبو عوف، 1997)، وكشفت هذه الدراسات عن استخدام أساليب متعددة في عملية الكشف عن الأطفال الموهوبين.
وتناولت دراسة الشخص (1990) أساليب الكشف عن الموهوبين في دول الخليج العربي بأجمعها، وقد كشفت الدراسة عن أساليب الكشف عن الموهوبين المستخدمة في تلك الدول في ذلك الوقت، حيث تستخدم في الكويت (اختبارات الذكاء الجمعية؛ والفردية، واختبارات التحصيل الموضوعية، واختبارات التحصيل نهاية العام، واختبارات الميول والاستعدادات)، وفي السعودية (اختبارات التحصيل نهاية العام، تقدير أداء التلاميذ في الأنشطة اللاصفية غير الأكاديمية)، وفي العراق (تستخدم اختبارات الذكاء الجماعية، والفردية)، كما حددت مجموعة من الدراسات في المملكة العربية السعودية الأدوات و المقاييس المستخدمة في الميدان للكشف عن الموهوبين مثل، دراسة الغامدي (1993) التي وضحت أن مقاييس الكشف عن الموهوبين بالمرحلة الابتدائية هي (التحصيل العلمي، واختبار القدرات، وترشيحات المعلمين)، أما دراسة آل سيف (1998) فتوصلت الى أن أكثر المقاييس استخداماً هي (التحصيل العلمي، وتقديرات المعلمين)، بينما وجد شمدين (2002) أن تقديرات المعلمين تأتي في المرتبة الأولى من أساليب الكشف عن الموهوبين في شمال المملكة العربية السعودية.
المرحلة العمرية للمناسبة للكشف عن الموهوبين
يقرر الخبراء أن عملية الكشف عن الموهوبين يجب أن تتم في مرحلة مبكرة من حياة الطفل الموهوب (خضر، 1988؛ لونستين، Lowenstein, 1981؛ الحوراني، 1999؛ زحلوق، 1998،2000؛ صبحي، 2002)، و أورد الزيات (2002) نماذج للجداول النمائية الحرجة للأطفال التي قام باعدادها (Harrison) والتي قضى اكثر من (25) عاماً في تتبعها لدى الأطفال وقد أشارت دراسات هاريسون الى امكانية الكشف عن الموهوبين منذ الشهور الأولى من عمرهم.
ولكن يواجه الكشف المبكر عن الأطفال الموهوبين في الدول العربية عدة عقبات منها: أن الأدوات المتوفرة حالياً، والمقننة في الدول العربية من مقاييس واختبارات أو غالبيتها لا تصلح الا للفئات العمرية في مرحلة التعليم الأساسي، كذلك فان معظم برامج الاثراء في المنطقة مصممة للفئات العمرية في مرحلة التعليم الأساسي. ويتفق الباحث مع وجهة نظر زحلوق (1998) التي ترى أن الطفل منذ الصف الرابع الابتدائي هو الانسب للاستفادة من برنامج الرعاية؛ لأنه قطع شوطاً في تعلم القراءة، والكتابة، والحساب مما يوضح جوانب التفوق عنده ، ثم أنه في هذه المرحلة يكون قد أمضى ثلاثة أعوام في المدرسة مما يساعد المعلمين ويمكنهم من تكوين معرفة صحيحة وسليمة عنه، يضاف الي ذلك ان ادوات القياس النفسي يمكن الوثوق بها بدرجة أكبر في هذه المرحلة من العمر وخاصة ادوات قياس الابتكار.
ويلاحظ أن معظم البرامج في المنطقة تكشف عن الأطفال الموهوبين في مرحلة الأساس ويندر وجود كشف ورعاية قبل هذه المرحلة التعليمية، فمثلاً في تجربة وكالة الغوث الدولية (UNERWA model) في الأردن اهتمت بالكشف والرعاية من الصف الخامس الأساسي (المعايطة والبواليز، 2000)، ويشير العزة (2000) الى أن الأردن بدأت تجربة برامج اثرائية للتلاميذ المتفوقين في الصفين الثالث والرابع الأبتدائي في العام الدراسي 1989/1990م، وكذلك كان الكشف في المرحلة الأبتدائية في مدارس المنهل العالمية بألاردن، وفي المملكة العربية السعودية تبدأ عملية الكشف منذ الصف الخامس الأبتدائي، وفي دولة الكويت يتم الكشف عن الموهوبين منذ الصف الثالث الأبتدائي (الهويدي وجمل، 2003)، وفي السودان تم الكشف عن الموهوبين في الحلقة الثانية أي في الصفوف الرابع، والخامس، والسادس وذلك في مدارس القبس التابعة لمؤسسة الخرطوم للتعليم الخاص (عطا الله، 2005)، وفي تجربة وزارة التربية بولاية الخرطوم في السودان يتم الكشف عن الأطفال الموهوبين بنهاية الصف الثالث الأساسي، وفي تجربة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم تم التطبيق على تلاميذ الصف السادس الأبتدائي وتلاميذ الصف الثالث الاعدادي .
مخطط الكشف عن الموهوبين
يقترح سلامة وأبومغلي (2002) مخططاً للكشف عن الموهوبين يتضمن سبعة اجراءات تتمثل في استمارة خاصة بالوالدين؛ استمارة خاصة بالمدرسة تتضمن درجاته خلال سني الدراسة؛ استمارة خاصة بمدرس المادة العلمية أو التي لها علاقة بمجال موهبة الطالب؛ اختبار ذكاء جمعي؛ اختبار ذكاء فردي؛ اختبارات شخصية؛ اختبار ابتكار. بينما يقترح جروان (2004) قائمة متكاملة للمواهب الخمس يوضح فيه أدوات الأستقصاء التي تستخدم في مرحلة الترشيحات في كل من المواهب الخمس، والأدوات التي تستخدم في مرحلة الاختبارات، واساليب معالجة البيانات.
وقام ديفز وريم (2001) بعرض مخطط الكشف عن الموهوبين عقلياً في مرحلة ماقبل المدرسة في ولاية لويزيانا، ويتضمن هذا المخطط ثلاث مراحل هي:
• المرحلة الأولى: وهي تهدف الى تزويد اولياء الأمور ومدرسي ماقبل المرحلة النظامية (ماقبل المدرسة) بمعلومات عن خصائص موهوبية ماقبل المدرسة، والبرامج الحكومية المتوفرة لرعاية هذه الفئة.
• المرحلة الثانية: تتألف من استبيانات توجه لأولياء الأمور، واخرى لمدرسي مرحلة ماقبل المدرسة، وفيها يطلب منهم ان يقيموا (45) نمطاً سلوكياً يصدرعن الأطفال الموهوبين الأستثنائيين، وهذه المرحلة بمثابة غربلة عامة (تصفية).
• المرحلة الثالثة: وهي عبارة عن عملية تقييم اختباري تجري على مقياس الاستعداد الدراسي، وهو انتقاء فردي وترتبط هذه المرحلة باختبار شهير للمربي (Hess)، والطفل الذي يحصل فيه على (120) درجة يخضع لمقياس استانفورد – بينيه.
وفي المرحلة المتوسطة والثانوية يركز ديفز وريم (2001) على الاختبارات المعيارية، لكنهما أوردا الآراء المعاصرة التي ترى زيادة الأعتماد على ترشيحات المعلمين و ترشيحات أولياء الأمور غير الرسمية، وتبني معايير متعددة الأبعاد، وأوصوا في الختام بتبني شبكة المواهب. بينما يتبنى دليل المساعدة الفنية للكشف عن الموهوبين الذي اصدرته ولاية أوهايو عام (2000) A technical Assistance Manual, 2000) ) خطة من ثلاث مراحل هي : (1) مرحلة ماقبل التقييم أو المرحلة التمهيدية وتشمل مراجعة البيانات عن الطفل المرشح، وعملية الاحالة، وهذه المرحلة تهدف لتكوين حوض الموهبة، (2) المرحلة الثانية هي مرحلة التقييم للفرز المبدئي وتشمل مراجعة منظمة للمرحلة السابقة والمزيد من التقييم، (3) والمرحلة الثالثة هي مرحلة التقييم للكشف النهائي وفيها يتم تطبيق الأختبارات الجمعية والفردية. ويمكن الأستفادة من هذه التوجهات العامة في تطوير خطة الكشف عن الأطفال الموهوبين في مرحلة التعليم الأساسي، مع وضع المحاذير اللازمة فيما يختص بوسائل الكشف وخاصة الكيفية منها، اذ يلاحظ هناك الأهتمام الكبير بترشيحات المعلمين وذلك لأنه يتوفر للمعلم تدريب شامل في هذا المجال.
أدلة الكشف عن الموهوبين العالمية
أما عن الأدلة المتاحة في مجال الكشف عن الموهوبين فأشهرها الذي يهتم باصداره المركز الوطني لأبحاث الموهوبين والمتفوقين والذي ترعاه أربع جامعات أمريكية هي: جامعة كونتيكت، وجامعة جورجيا، وجامعة فرجينيا، وجامعة يال، وكذلك دليل اوهايو المسمى دليل المساعدة الفنية في الكشف عن الموهوبين الصادر عام 2000م، والدليل الذي أصدرته ولاية نورث كارولينا في عام 2002م، ودليل الأدوات المستخدمة في الكشف عن الموهوبين الذي أصدرته جامعة فرجينيا عام 1990، وصدرت طبعته الثانية في عام 1995م ويحتوي على الأدوات المستخدمة في الكشف عن الموهوبين المقننة والمحلية، واجراءات عملية الكشف، والأستراتيجيات المستخدمة في الكشف، وقد نظمت كل هذه المعلومات في قاعدة بيانات خاصة محوسبة، وأيضاً هناك دليل كندي أصدرته جامعة كولومبيا البريطانية عام 1995م وهو موسوم بدليل المعلمين لرعاية الموهوبين ، ويحتوي على فصل عن الكشف على الموهوبين، وتحديد خصائصهم، وتطوير بروفيل عن الطفل المرشح بحيث يتم الحصول على فهم عميق لجوانب شخصيته المتعددة
المصدر:تطوير "دليل أساليب الكشف عن الموهوبين في التعليم الأساسي"
دراسة أعدت بتكليف من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم
اعداد :د.صلاح الدين فرح عطا الله
أستاذ التربية الخاصة المساعد، بقسم التربية الخاصة، كلية التربية، جامعة الملك سعود، المملكة العربية السعودية