:
أصبحت وسائل الإعلام الحـديثة تطغى وتسيطر عـلى اهتمامات الأطفال، وأخذت تلقي بشباكها على الجيل المـعاصر، وتملأ ساعات فراغه، بل وساعات نشاطهم بالكثير من الأفكار والمعاني، لأنها تنهال عليهم بكم هائل من الصور المتلاحقة، والأصوات المتعاقبة التي تحيط بهم من كل جانب فلا تدع له مجالاً للتأمل والتفكير والمراجعة، فلا يملك الطفل معها القدرة على التمييز والاختيار، يخشى معه أن يسقط الطفل في دوامة تسير به إلى حيث أريد له، ويعتبر في النهاية أن كل ما شاهده وسمعه حقيقة لا مجال للشك فيها.
وما نسمعه أو نقرأه عن حوادث مريعة كسقوط بعض الأطفال من أماكن مرتفعة وهم يقلدون أبطال أفلام الكرتون والمسلسلات وممارساتهم الشاذة مع ذويهم ورفاقهم ما هو إلا نموذجاً لسيطرة البرامج التي تقدمها هذه الوسائل على تفكير الأطفال ومشاعرهم ، فلا يجدون مناصاً من تقليدها.
إلا أن الحديث عن تأثير الإعلام لا يجب أن يتم بمعزل عن الإطار الاجتماعي والثقافي الذي يعيش فيه الأطفال، ذلك أن عملية إعلام الطفل تتأثر بمجموعة العوامل الفردية والنفسية التي تتعلق بشخصيته واستعداداته واحتياجاته، كما تتأثر بمجموعة العوامل الاجتماعية التي تحيط به كالقيم والعادات والتقاليد، والجماعات التي ينتمي إليـها .
وقد كشفت لنا الأبحاث العلمية عن المقدرة الإقناعية الخاصة التي تتميز بها كل واحدة من وسائل الاتصال، أي أن القدرات الإقناعية لمختلف الوسائل تختلف بشكل واضح من وسيلة إلى أخرى وفقاً للموضوع الذي تعالجه، والجمهور الذى تتوجه إليه، والبيئة الاجتماعية والثقافية. إلا أن الجمع بين أكثر من وسيلة يحقق تأثيراً فاعلاً، ويضاعف عدد المزايا، ويمكن عملية الاتصال من تحقيق أهدافها.
ولم يعد الحديث عن وجود مردود لهذه الوسائل على الطفل موضع جدل أو نقاش، ولكن الجدل والنقاش يدور حول كمية هذا التأثير ونوعه، وهل هـو تأثير إلى الأحسن أو إلى الأسوأ .
ويتوقف نجاح النشاط الإعلامي الموجه إلى الأطفال على حسن اختيار الوسيلة والوقت والظرف الاتصالي المناسب، المهم هنا هو كيفية استثمار معطيات هذه الوسائل لكي تسهم في تحقيق النمو المتكامل للطفل المسلم.
http://www.isesco.org.ma/arabe/publications/Attifl/page5.php