سلوك المشاغبة في البيئة المدرسية

مفهوم سلوك المشاغبة:
اتفق هوفر وجول مع روس على أن سلوك المشاغبة هو ظاهرة حديثة نسبيا ومع ذلك يتفق كل من بيساج وأولويس وهازلر على أن سلوك المشاغبة يشتمل على عناصر رئيسية هي:
1- الإيذاء المتكرر ( ليس لمرة واحدة ) للآخرين عن طريق جرح المشاعر من خلال الكلمات أو من خلال الهجوم الجسدي عليهم
2- يصدر من خلال تلميذ واحد أو مجموعة من التلاميذ تجاه تلميذ واحد أو أكثر
3- تحدث المشاغبة في فناء المدرسة أو في الطرقات المؤدية من وإلى المدرسة
4- المشاغبة مباراة غير عادلة لأن المشاغب يكون فيها إما أقوى جسديا من الضحية أو يمتلك مهارة لغوية فائقة
ووصف بسوورث وآخرون المشاغبة على أنها مجموعة من السلوكيات العدوانية التي تمارس على شخص ما وتسبب له ألما نفسيا وجسديا.

أنماط سلوك المشاغبة والسلوكيات العدوانية التي تتضمنها:
قدم أعضاء هيئة التدريس في قسم التربية بجامعة فلوريدا تصنيفا لسلوك المشاغبة، فالمشاغبة من منظورهم تنقسم إلى:
• مشاغبة غير مباشرة: وتشتمل على الهجوم الجسدي على الآخرين وابتزازهم واغتصاب ممتلكاتهم وكذلك مناداتهم بأسماء غير لائقة وتعمد إهانتهم وإذلالهم وإساءة معاملتهم بوجه عام.
• مشاغبة غير مباشرة: وتشتمل على عدة سلوكيات منها خصام الضحية واستبعاده بشكل متكرر من أي نشاط تقوم به المجموعة وكذلك نبذه ورفضه بشكل دائم كما يمكن أن تشتمل المشاغبة غير المباشرة على مناظر ومشاهد مستهجنة يمارسها المشاغب على الضحية
• مشاغبة جنسية: وتتضمن عرض صورا خليعة على بعض التلاميذ بالإكراه وذكر بعض النكات التي تخدش الحياء أمامهم أو ملامسة مناطق حساسة في جسدهم أو تكرار طلب سلوكيات جنسية منهم بشكل متكرر
• مشاغبة عنصرية: وتمتد هذه المشاغبة لتشمل الفئة العرقية التي ينتمي إليها الضحية حيث يقوم المشاغب بمناداة الضحية بأمه أو أبيه أو يتعرض إلى فصيلته وجنسه أو ديانته أو لون بشرته
العوامل الكامنة المفسرة لسلوك المشاغبة:
للمشاغبة عدة أسباب وعوامل تسهم بشكل أو بآخر منفرده أو مجتمعه مع بعضها البعض في أن يكون التلميذ إما مشاغبا لأقرانه في البيئة المدرسية أو ضحية لسلوك المشاغبة من قبل أقرانه.
العوامل والأسباب البيولوجية لسلوك المشاغبة:
يتفق العديد من الباحثين إن لم يكن جميعهم على أن القوة والضعف البدني يلعبان دورا هاما في سلوك المشاغبة فبعض التلاميذ في سن المراهقة تحديدا تبدوا عليهم علامات الرجولة والقوة الجسدية بينما بعضهم الآخر ذو جسد هزيل بل ومن الممكن أن يكون مصابا بإحدى الإعاقات أو المشكلات الجسدية وبالتالي تلعب هذه العوامل البيولوجية دورا هاما في المشاغبة.
العوامل والأسباب النفسية لسلوك المشاغبة:
إن السمة الرئيسية للتلاميذ المشاغبين هي ميلهم الشديد للعدوان تجاه أقرانهم وهذا ما اتفق عليه معظم المنظرين في مجال سلوك المشاغبة بين التلاميذ في البيئة المدرسية فقد اتفق كل من بسوورث وآخرون على أن الميل إلى العدوان هو السبب النفسي الرئيس لما يمارسه التلاميذ من سلوكيات عدوانية تجاه زملائهم في المدرسة.
العوامل والأسباب الأسرية لسلوك المشاغبة:
مما لاشك فيه أن الأسرة هي البيئة الاجتماعية الأولى التي تشكل شخصية أبنائنا. إن النماذج العدوانية في المنزل وضعف الرقابة الوالدية تسهم بشكل كبير في كون التلميذ مشاغبا لأقرانه في المدرسة فالمنازل التي يتفشى فيها العقاب البدني والتسلط الأبوي والإساءة في المعاملة بوجه عام تنتج أطفالا عدوانيين بطبعهم مشاغبين لزملائهم يتعلمون أن العنف هو الوسيلة المثلى للعقاب.
الآثار الناجمة عن التعرض لسلوك المشاغبة:
أكد جاكيولين على أن سلوك المشاغبة له أثر بالغ وطويل المدى على كل من المشاغب والضحية، فالتلميذ الضحية الذي يتعرض للمشاغبة بصورة حادة ومستمرة يتولد لديه شعور قوي بالتعاسة واليأس من الحياة وتصبح استجابة الخوف استجابة راسخة في حياته اليومية بل قد تتفاقم هذه الاستجابة لتصل عند الضحية إلى درجة الهروب من الأماكن التي يحتمل أن يتواجد فيها التلميذ المشاغب فيتغيب عن المدرسة ويحرم نفسه من كافة الأنشطة الاجتماعية فيشعر بالكآبة ويفقد تقديره لذاته ويشعر بأنه إنسان بلا قيمة تنتابه مشاعر الدونية فيحتقر ذاته وفي بعض الأحيان يشعر بأنه يستحق العقاب فيصبح أسيرا للقلق والاكتئاب والتوتر والوحدة النفسية وتلازمه أمراضا سيكوسوماتية ( نفسجسمية ) كالآم المعدة والأمعاء وربما يتطور الأمر ليصل إلى درجة الانتحار ويتأثر المشاغب أيضا بسلوكه هذا فالتلميذ المشاغب يصبح راشدا مشاغبا ثم ينجب أطفالا مشاغبين وبهذا تتوارث المشاغبة جيلا بعد جيل لتصبح ثقافة سائدة في المجتمع.
التعامل مع التلاميذ المشاغبين في البيئة المدرسية:
يعاني التلاميذ المشاغبون لأقرانهم في البيئة المدرسية من مشكلات نفسية وأسرية واجتماعية وغير ذلك وبالتالي فالتعامل معهم سواء بإرشاد فردي أو جماعي أو أسري لا يعد أمرا بسيطا ذلك لأن التدخلات الإرشادية التي يتم من خلالها التعامل مع مشكلات المشاغبين لابد وأن تتوافق مع مشكلاتهم الفردية. وعلى المستوى المدرسي ( المعلم أو الأخصائي النفسي بالمدرسة أو المرشد النفسي أو الطلابي ) فإن التعامل مع التلاميذ المشاغبين لا بد وأن يشتمل على أربع خطوات رئيسة على النحو التالي:
1- التقويم الشامل: وهنا لابد على المعلم المرشد أن يقوم بجمع معلومات كاملة عن التلاميذ المشاغبين في المدرسة من حيث عددهم وظروفهم الأسرية والاجتماعية ومشكلاتهم الفردية وهذا يتم من خلال المقابلات الفردية والاستبيانات المقننة
2- العمل على تنمية المهارات: وتعد مهارة إدارة القلق الاجتماعي والغضب وكذلك المهارات التوكيدية والاجتماعية ومهارات حل المشكلة وصنع القرار من المهارات التي ينبغي تنميتها لدى التلاميذ المشاغبين في المدرسة.
3- إدارة السلوك: وتتوفر العديد من الاستراتيجيات التي يمكن استخدامها لإدارة السلوك العدواني لدى التلميذ المشاغب
4- دعم النمو الأكاديمي: إذ يعد ذلك المدخل وسيلة فعالة في الحد من السلوكيات العدوانية لدى المشاغبين في البيئة المدرسية فدعم المشاغب أكاديميا من شأنه أن يعزز من تقديره لذاته وهو ما ينعكس على سلوكه بشكل إيجابي.